الخميس 09 يناير 2025

رواية عشق لا يضاهى الفصل السادس (أسماء حميدة)

انت في الصفحة 5 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

حياتها كان اليوم الذي ستودع فيه فاطمة أمها التي لم تنجبها بل واليوم الذي ستضع فيه أيضا نهاية لعلاقتها بظافر رسميا.
لكن الأقدار لعبت لعبتها القاسېة ذلك التاريخ الذي اختارته لإنهاء حياتها اختير أيضا ليكون بداية لكابوس جديد.
الخۏف من النسيان دفعها لتدوين تفاصيل تلك الأيام في دفتر ملاحظاتها وكأنها تحاول أن تحتفظ به في ذاكرتها خوفا من الضياع.
جلست سيرين في غرفتها الصامتة وأمسكت بالقلم وراحت تكتب وصيتها... تدفقت الكلمات بصعوبة وكأنها تعكس ثقل قلبها... وبعد أن انتهت وضعت الرسائل التي خطتها إلى فاطمة وكارم تحت وسادتها ثم أغلقت عينيها تنتظر يوم الغد وما يحمل بين طياته من أقدار غامضة.
إنه الرابع عشر من شهر مايو... يوم كئيب لا دفء به وكأن السماء قد أرادت أن تفرغ ما في جعبتها من حزن متراكم إذ انهمرت الأمطار بغزارة بعد ثلاثة أيام من السكون الثقيل.
كان هاتف سيرين مستقرا على طاولة القهوة يرن بلا توقف... اسم سارة يضيء الشاشة مرارا وتكرارا وكأن إلحاحها كان يناديها أكثر من صوت رنين الهاتف نفسه... واتتها رسائل من تلك الجاحدة التي كانت تسألها عن مكانها بل وتتوسل حضورها... فغدا سيقام حفل الخطبة وبالطبع كانت سارة تريد عودة سيرين إلى المنزل حيث كل شيء جاهز لاستعدادها للارتباط ب خليل لكن سيرين لم تجب لا على المكالمة الأولى ولا العشرين... ولا حتى على رسائل سارة النصية فقد كانت تتجنب الحديث وكأن الكلمات وحدها قد تجرها إلى واقع لا تريده. 
في ذلك اليوم ارتدت سيرين فستانا أرجوانيا بدا وكأنه يحاول إحياء ألوانها الشاحبة.... زينت وجهها بمكياج خفيف لكن عينيها الخاويتين ظلتا تفضحان روحا منهكة.
وقفت سيرين أمام المرآة تنظر إلى انعكاسها الذي بدا وكأنه صورة ضبابية من الماضي. 
تذكرت يوم زفافها ب ظافر في مشهد معاد... نفس النظرة نفس الشحوب نفس الشعور... كانت اللحظة مشبعة بذكريات ټخنقها أكثر مما تعزيها. 
بعد أن سحبت سيرين نفسا عميقا خرجت من المنزل دون تردد واستقلت سيارة أجرة وهي لا تعرف وجهتها بوضوح لكنها وجدت نفسها أمام المقاپر.
زفرت سيرين أنفاسها الضائعة تتأمل بتيه المطر الذي ما زال يهطل غزيرا باردا... حملت مظلتها ونزلت بخطوات بطيئة وكأنها تخشى خطاها على الأرض أكثر من مواجهة المۏت نفسه. 
تقدمت نحو قبر والدها ووضعت وردة بيضاء أمام شاهده الرخامي ووقفت للحظات صامتة كأنها تنتظر أن يبدأ هو بالكلام. 
أبي... همست بصوت متهدج كأن الكلمات تثقل عليها أكثر من المطر. 
الرياح تعصف من حولها تختلط بصوت أنفاسها المتقطعة ونقر قطرات المطر على المظلة كان هو الصوت الوحيد الذي يكسر السكون. 
أنا آسفة... قالت بصوت مبحوح وهي تشعر بالبرد يحف قلبها قبل جسدها.
لم أكن أرغب في المجيء إلى هنا لكنني لم أجد مكانا آخر

انت في الصفحة 5 من 6 صفحات