الجمعة 27 ديسمبر 2024

رواية من كاره إلى عاشق (عندما يندم العاشق) رولا الجابر (من الفصل الثامن والسبعون حتى الفصل الثمانون)

انت في الصفحة 3 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

الواقع كانت تسحب قلب رولا إلى عوالم من الحنان والشفقة حتى أن قلب الأخيرة كان يذوب شيئا فشيئا مثل شمعة تنصهر أمام دفقات من الرياح الباردة 
بعد أن انتهت من وضع الكريم على يد أسيل جلست رولا على المقعد المجاور لها منتبهة لكل حركة تصدر عن تلك الفتاة التي على الرغم من برودتها كانت تثير في قلب رولا سيلا من المشاعر التي لا تحكى بالكلمات 
وفي هذه الأثناء تنحى أحمد جانبا عن مقعده واضعا طبقه جانبه لينضم إلى لؤي في مكانه الجديد إذ كان يبدو أنه يقبل الخضوع لهذا التغيير غير المعلن كما لو أنه استسلم لتقلبات اللحظة 
سألت رولا بصوت هادئ يتناثر من شفتيها مع نسمة من الحياء   
هل من المقبول أن أطعمك 
وابتسمت أسيل لم ترفض الدعوة بل أومأت برأسها في انتظار ما سيحدث وعينيها تترقبان بحذر 
أخذت رولا طبق أسيل بابتسامة مليئة بالحنان وبدأت تطعمها بلطف وكأنها تدرك أن كل لقمة تخرج من يديها ستكون جسرا يعبر به قلب أسيل إلى عالم آخر عالم من الأمان والراحة 
أصبح وجه أسيل أكثر استرخاء مع كل قضمة تأخذها كانت تفتح فمها برغبة صادقة وتلتهم الطعام وكأنها لم تتذوق طعم الحياة منذ فترة طويلة كانت عيونها تركز على رولا وكأنها تدعوها إلى المزيد وتلك الابتسامة التي تزين وجه رولا لم تلبث أن اتسعت مع كل لحظة تزداد فيها حسن سلوك أسيل 
بينما كان لؤي يراقب هذا المشهد من زاويته كان قلبه يعج بمشاعر متناقضة فكلما رأى التفاعل بين رولا وأسيل كان يمر بتجربة مريرة من الشك وكان يرى نفسه يتأرجح بين الغيرة والفضول وكأن تلك اللحظات تفضح شيئا كان يختبئ في أعماق قلبه 
في الزاوية الأخرى كان أحمد وبلال يتابعان المشهد بصمت وكان من الواضح أنهما لم يعيا تماما ما يحدث فقط اعتقدا أن أسيل تبدو جميلة أثناء تناول الطعام ولكن سرعان ما تحولت نظرتهما إلى لؤي إذ التقت عيونهم في لحظة من الشك وكأن كلا منهما يقرأ في الآخر ما يعجز عن التعبير عنه 
وفجأة انتبهوا إلى ما كان يبدو أنه الحقيقة كان الأب يحدق في الأم بلا عواطف من الكراهية بل كان ينظر إليها بعينيه تلك العينين اللتين كانت تحملان في طياتهما كل معاني الحب المكنون بل كان يبدو أن بينهما رابطا عميقا يكاد يلفهما جميعا في دائرة من الغموض والقلق 
عبس أحمد قليلا ثم وضع شوكته جانبا وتمدد بيده ليأخذ المغرفة التي كانت قريبة منه وقدم إلى لؤي بعض الطعام بينما كان يراقبه بنظرة تحمل براءة زائفة قال بنبرة هادئة كأنما يدعوه إلى التمتع بما أمامه   
سيدي لماذا لا تأكل تناول أكثر   
فجأة كأنما أفاق لؤي من غفوة غريبة ورد بتلقائية شديدة   
شكرا   
لكن ما إن نظر إلى طبقه حتى ساد الظلام أمام عينيه كان الطعام الذي وضعه أحمد أمامه هو الكرفس ذلك النبات الذي كان يكره لؤي أكثر من أي شيء آخر   
رفع لؤي رأسه مسرعا ليتفحص باقي الأطباق على الطاولة فلمح طبق الكرفس وقد وضع بعيدا عن متناول أحمد وكأن الأخير قد عمد إلى أن يقدم له إياه بشكل متقصد   
بينما انتهى أحمد من كلامه ډفن رأسه في طبقه وتابع لؤي بنظرة خفية من زاوية عينه لا شك أن أحمد كان على دراية بتفاصيل الماضي

انت في الصفحة 3 من 6 صفحات