رواية من كاره إلى عاشق (عندما يندم العاشق) رولا الجابر (من الفصل الثامن والسبعون حتى الفصل الثمانون)
الواقع كانت تسحب قلب رولا إلى عوالم من الحنان والشفقة حتى أن قلب الأخيرة كان يذوب شيئا فشيئا مثل شمعة تنصهر أمام دفقات من الرياح الباردة
بعد أن انتهت من وضع الكريم على يد أسيل جلست رولا على المقعد المجاور لها منتبهة لكل حركة تصدر عن تلك الفتاة التي على الرغم من برودتها كانت تثير في قلب رولا سيلا من المشاعر التي لا تحكى بالكلمات
سألت رولا بصوت هادئ يتناثر من شفتيها مع نسمة من الحياء
هل من المقبول أن أطعمك
وابتسمت أسيل لم ترفض الدعوة بل أومأت برأسها في انتظار ما سيحدث وعينيها تترقبان بحذر
أصبح وجه أسيل أكثر استرخاء مع كل قضمة تأخذها كانت تفتح فمها برغبة صادقة وتلتهم الطعام وكأنها لم تتذوق طعم الحياة منذ فترة طويلة كانت عيونها تركز على رولا وكأنها تدعوها إلى المزيد وتلك الابتسامة التي تزين وجه رولا لم تلبث أن اتسعت مع كل لحظة تزداد فيها حسن سلوك أسيل
في الزاوية الأخرى كان أحمد وبلال يتابعان المشهد بصمت وكان من الواضح أنهما لم يعيا تماما ما يحدث فقط اعتقدا أن أسيل تبدو جميلة أثناء تناول الطعام ولكن سرعان ما تحولت نظرتهما إلى لؤي إذ التقت عيونهم في لحظة من الشك وكأن كلا منهما يقرأ في الآخر ما يعجز عن التعبير عنه
عبس أحمد قليلا ثم وضع شوكته جانبا وتمدد بيده ليأخذ المغرفة التي كانت قريبة منه وقدم إلى لؤي بعض الطعام بينما كان يراقبه بنظرة تحمل براءة زائفة قال بنبرة هادئة كأنما يدعوه إلى التمتع بما أمامه
فجأة كأنما أفاق لؤي من غفوة غريبة ورد بتلقائية شديدة
شكرا
لكن ما إن نظر إلى طبقه حتى ساد الظلام أمام عينيه كان الطعام الذي وضعه أحمد أمامه هو الكرفس ذلك النبات الذي كان يكره لؤي أكثر من أي شيء آخر
رفع لؤي رأسه مسرعا ليتفحص باقي الأطباق على الطاولة فلمح طبق الكرفس وقد وضع بعيدا عن متناول أحمد وكأن الأخير قد عمد إلى أن يقدم له إياه بشكل متقصد
بينما انتهى أحمد من كلامه ډفن رأسه في طبقه وتابع لؤي بنظرة خفية من زاوية عينه لا شك أن أحمد كان على دراية بتفاصيل الماضي